الحمد لله , والصّلاة والسّلام على رسول الله , وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه , وبعد :
فإن مما لا يخفى على أحد مكانة الصحابة العالية , ومرتبتهم السامية , فهم رجال صحبوا خير الناس ونصروه , وعلى أنفسهم وأولادهم قدموه , فكان من حقهم علينا أن نحبهم ونعلم أولادنا حبهم , وهكذا كان السلف الماضون , يعلمون أولادهم حب الصحابة , لينشؤوا سليمي القلوب والألسنة , لصحابة نبي الملحمة .
قال عبد الله بن مسعود : كنا نرى أن ذكر أبي بكر وعمر من السنة ، أو حبهما من السنة
(شرح أصول الاعتقاد للالكائي برقم 1886)
قال محمد بن على بن الحسن : من جهل فضل أبى بكر وعمر فقد جهل السنة
(فضائل الصحابة 1/135)
وقال مسروق: حب أبى بكر وعمر ومعرفة فضلهما من السنة.(السنة برقم 1249)
وقال قبيصة بن عتبة: حب أصحاب النبى - صلى الله عليه وسلم - كلهم سنة (شرح أصول الاعتقاد للالكائي برقم 1891)
وقيل للحسن: حب أبى بكر وعمر سنة ؟ قال : لا فريضة .(المصدر السابق 1885).
قال مالك بن أنس : كان صالحو السلف يعلمون أولادهم حب أبي بكر وعمر كما يعلمون السورة من القرآن (تاريخ دمشق 44/383)
وانظر – رحمك الله – إلى ما قاله أبو الوليد الباجي في نصيحته لولديه :
وأشْرِبا قلوبَكما محبةَ أصحابه أجمعين، وتفضيلَ الأئمةِ منهم الطاهرين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، ونفعنا بمحبتهم، وألزِما أنفسَكما حُسْنَ التأويلِ لما شَجَرَ بينهم، واعتقادَ الجميلِ فيما نُقِلَ عنهم؛ فقد رُوِيَ عن النبي أنه قال: "لا تسُبُّوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدُكم مِثْلَ أُحُدٍ ذهباً، ما بلغ مُدَّ أحدِهم ولا نَصِيفَه". فمن لا يُبلَغُ نَصِيفُ مُدِّهِ مثلُ أُحُدٍ ذهباً، فكيف يُوازَنُ فضلُه، أو يُدْركُ شأوُه؟! وليس منهم رضي الله عنهم إلا من أنفق الكثير. (النصيحة الولدية 4) .
وما أجمل ما قاله جمالُ الدين ابن الحسام وكان من كبار فقهاء الشيعة إلا أنه أدمن الجلوس إلى شيخ الإسلام ابن تيمية فتأثر به كثيرا , حتى قال الصفدي (كان كثيرا ما يتعهد مجلسه ويستوري سنا الشيخ وقبسه) , كان مما قال ابن الحسام :
لئن كان حمل الفقه ذنبا فإنني ... سأقلع خوف السجن عن ذلك الذنب
وإلا فما ذنب الفقيه إليكم ... فيرمى بأنواع المذمة والسب
إذا كنت في بيتي فريدا عن الورى ... فما ضر أهل الأرض رفضي ولا نصبي
أوالي رسول الله حقا وصفوة ... وسبطيه والزهراء سيدة العرب
على أنه قد يعلم الله أنني ... على حب أصحاب النبي انطوى قلبي
أليس عتيق مؤنس الطهر إذ غدا ... إلى الغار لم يصحب سواه من الصحب
وهاجر قبل الناس لا ينكرونها ... بها جاءت الآثار بالنص في الكتب
وبالثاني الفاروق أظهر دينه ... بمكة لما قام بالمرهف العضب
وأجهر من أمر الصلاة ولم تكن ... لتجهر في فرض هناك ولا ندب
وقد فتح الأمصار ما رد جيشه ... و جالت خيول الله في الشرق والغرب
وجهز جيش العسرة الثالث الذي ... تسمى بذي النورين في طاعة الرب
وإن شئت قدم حيدرا وجهاده ... وإطفاه نار الشرك بالطعن والضرب
أخو المصطفى يوم المؤاخاة والذي ... بصارمه جلى العظيم من الكرب
كذاك بقايا آله وصحابه ... وأكرم بهم من خير آل ومن صحب
أولائك ساداتي من الناس كلهم ... فسلمهم سلمي وحربهم حربي
وفي بيعة الرضوان عندي كفاية ... فحسبي بها من ربتة لهم حسبي
(الوافي بالوفيات 2/248)
منقول