[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]متابعة: محمد الغرباوي
ألقاب وإنجازات عديدة حققها الملاكم المصري محمد هيكل خلال مسيرته سواءً على المستوى القاري أو الدولي، كان آخرها يوم الثلاثاء الماضي عندما توج بذهبية وزن المتوسط في دورة الألعاب العربية المقامة في الدوحة، بعد تغلبه بصعوبة في النزال النهائي على المغربي بدر الدين حديوي.
ورغم اقترابه من بلوغ عامه الثالث والثلاثين، لا يبدو أن "هيكل المصري" فقد أي من حماسه نحو رياضة الملاكمة، فهو ما زال يخوض النزال تلو الآخر بنفس النشاط والشغف اللذان ميزا أداءه منذ انطلاق مسيرته في منتصف التسعينيات. والابتعاد عن الحلبة لا يدخل أبداً ضمن مخططاته المستقبلية، فهناك حلم كان ومال زال يسيطر على وجدان الملاكم المخضرم منذ سنوات طويلة، وهو الصعود على منصة التتويج الأولمبية.
موقع الجزيرة الرياضية استغل فرصة تواجد الملاكم الشهير في الدوحة وأجرى معه هذا اللقاء الذي سنحاول من خلاله تسليط بعضاً من الضوء على مسيرته الذهبية وأيضاً سنتحدث معه عن طموحاته في الفترة المقبلة.
في البداية كابتن هيكل، كيف تقيم مشاركتك في دورة الألعاب العربية الحالية وما رأيك في المستوى العام لمنافسات الملاكمة فيها؟
المستوى كان مرتفعاً للغاية خاصة مع تواجد ملاكمي المغرب وتونس، استعددت جيداً للدورة واحتفظت بالذهب الذي حققته في القاهرة عام 2007، المواجهة كانت صعبة في النزال النهائي أمام الملاكم المغربي حديوي ولكن في النهاية الخبرة حسمت الأمور لصالحي.
وماذا عن التنظيم؟
شاركت في الدورات الأولمبية الثلاث الأخيرة وبكل صراحة التنظيم هنا لا يقل أبداً عن ما رأيته في سيدني أو أثينا أو بكين، فهو على أعلى مستوى ولم أواجه أي مشاكل تذكر، وكل ذلك يساهم بالطبع في تركيز الملاكم فقط على المنافسات دون التفكير في أية أمور أخرى، وبالتالي يؤدي لتقديمه أفضل ما لديه داخل الحلبة.
هل لك أن تحدثنا قليلاً عن مسيرتك الرياضية، كيف كانت بداياتك وما الذي دفعك لاختيار رياضة الملاكمة؟
كان لشقيقي الاكبر رضا دوراً رئيسياً في دخولي عالم الرياضة بشكل عام والملاكمة بشكل خاص، فقد كنت في السابعة من عمري عندما بدأت ممارسة رياضة الكاراتيه في محاولة مني لتقليده، وعندما تحول هو إلى رياضة الملاكمة وشاهدته ذات يوم وهو عائد من التتويج بلقب بطولة الجمهورية (البطولة الوطنية في مصر) ومعه كأس وميدالية وشهادة تقدير، في الوقت الذي كان ما نحصل عليه في الكاراتيه هو الأحزمة الملونة، قررت أيضاً أن دخول عالم الملاكمة التي كانت أيضاً في رأيي رياضة أكثر إثارة وقوة من الكاراتيه.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]ومتى بدأت تحقيق الألقاب على المستوى المحلي؟
بدأت أحقق الالقاب في بطولات المناطق وبطولات الجمهورية مع مطلع التسعينيات على مستوى البراعم ثم الناشئين، وذلك رغم ضعف الامكانيات في مسقط رأسي، مركز زفتى في محافظة الغربية، مقارنة مع تلك المتوفرة في المدن الكبرى كالقاهرة والإسكندرية، وانضممت للمنتخب المصري للناشئين لاول مرة في عام 1994 لأبدأ بعدها مشاركاتي في البطولات القارية والدولية التي حصدت خلالها والحمد لله العديد من الألقاب. وفي عام 1999 توجت بأول لقب قاري على مستوى الكبار وأنا ما زلت في العشرين من عمري وهو ذهبية دورة الألعاب الإفريقية في جوهانسبرغ بجنوب أفريقيا.
مشاركتك الأولى في الدورات الأولمبية جاءت عام 2000 في سيدني، كيف كان شعورك في تلك اللحظة؟
لا يمكنني أن أصف مدى سعادتي وأنا أشارك في أول نزال لي في أولمبياد سيدني، لا زلت اتذكر تلك اللحظات جيداً، فإلى جوار وضع إسمي في السجلات الأولمبية إلى جوار العديد من الرياضيين الكبار الذين مثلوا مصر على مدار تاريخ الدورات الأولمبية، كنت من المرشحين بقوة لنيل إحدى الميداليات في الدورة رغم قلة خبرتي وعمري الصغير نسبياً بالنسبة للمنافسين.
بدأت في الدور الثاني مباشرة حيث واجهت ملاكماً كورياً ورغم تعرضي لإصابة في القدم قبل انطلاق الدورة وعدم شفائي منها تماماً نجحت في الفوز بفارق كبير. وفي ربع النهائي واجهت ملاكماً تايلاندياً أكثر خبرة مني، وكان بإمكاني الفوز لولا الظلم التحكيمي الذي تعرضت له، لأفقد فرصة الوصول لنصف النهائي والحصول على ميدالية أولمبية.
وكيف كان تأثير تلك المشاركة الأولمبية على مسيرتك؟
كان تأثيراً إيجابياً للغاية، فقد منحتني الكثير من الثقة وأصبحت على يقين من قدرتي على تحقيق المزيد من الإنجازات مع اكتسابي بعض الخبرة، وبالفعل قدمت مستويات جيدة في الأعوام التالية وحققت العديد من الألقاب حتى وصلت لأعلى مستوى لي في عام 2003 عندما نلت ذهبية دورة الألعاب الافريقية في أبوجا (نيجيريا) وأيضاً ذهبية دورة الألعاب الآفرو-أسيوية التي تغلبت في نزالها النهائي على البطل الكازاخستاني بختيار أرتاييف، وهو الملاكم الذي نال في العام التالي ذهبية أولمبياد أثينا.
الملاكمة المصرية حققت نتائج لافتة في أولمبياد أثينا عام 2004، ورغم أنك كنت من أبرز المرشحين للمنافسة على الذهب في وزن الوسط خرجت من دور الـ 16، فما الذي حدث؟
كانت تلك اللحظات هي الأصعب في مسيرتي، وشعرت بحزن شديد وأنا أتابع مراسم تتويج الفائزين بالميداليات في وزن الوسط، فقد كنت ارغب بشدة في أن أكون على تلك المنصة. دخلت منافسات تلك الدورة وأنا على ثقة شديدة بقدرتي على نيل ميدالية أولمبية، كنت أكثر خبرة وفي أفضل مستوياتي، كما خضت فترة إعداد جيدة. ولكن للأسف خصمي في الدور الـ 16 كان الروسي ألويغ سايتوف حامل ذهبية أتلانتا 1996 وسيدني 2000 وقدمت أمامه نزال قوي وخسرت بفارق نقطة واحدة 17-18، في مباراة شابها أيضاً الظلم التحكيمي، ولكنها في النهاية كانت مشيئة الله ولم يُكتب لي تحقيق النجاح الذي تمنيته.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]ولكنك في العام التالي لأولمبياد أثينا سجلت انتفاضة قوية، فما السبب في ذلك؟
بالفعل عام 2005 كان من أفضل الأعوام في مسيرتي، ربما يكون ذلك بسبب شعوري بالغضب ورغبتي القوية في تعويض نتيجة أثينا، انتزعت خلاله برونزية بطولة العالم في الصين كما فزت بذهبية دورة ألعاب البحر المتوسط في آلمريا (إسبانيا) وذهبية دورة الألعاب الفرانكوفونية في نيامي (النيجر)، ونجحت بعد ذلك في الحفاظ على مستواي لعدة أعوام فحققت ألقاب عديدة أهمها ذهبية دورة الألعاب للعربية في القاهرة عام 2007.
كان يسيطر علي دائماً الرغبة العارمة في التتويج الأولمبي، وعدت بالفعل للمشاركة في الدورة الأولمبية الثالثة على التوالي في بكين عام 2008، وكنت حينها المصنف الرابع في وزن المتوسط، ولكن للأسف لم يحالفني التوفيق، فخسرت أمام مصنف أقل مني هو البريطاني الشاب جيمس ديغيل (22 عاماً) الذي كان من مفاجآت الدورة وتوج في النهاية بالميدالية الذهبية.
آلم يثبط ذلك من عزيمتك بعض الشيء، ألم تفكر في الاعتزال؟ أو العمل في التدريب كما فعل معظم ملاكمي جيلك؟
أبداً على الإطلاق، لا أستطيع الاعتزال فمع كل الانجازات التي حققتها ما زال هناك حلم لم يتحقق بعد، أرغب بقوة في إنجاز أولمبي، اريد الصعود على منصة التتويج، وما دمت قادراً على العطاء سأستمر في المحاولة رغم صعوبة المهمة، أما بالنسبة للتدريب فأنا بالطبع لن أبخل بخبراتي على المنتخب المصري في أي وقت لو طُلِب مني الانضمام إلى جهازه التدريبي.
خلال مسيرتك الحافلة بالإنجازات ألم تتلقى أي عروض للاحتراف؟
بالتأكيد تلقيت العديد من العروض، ولكن في كل مرة كنت أرفض لأن التتويج الأولمبي كان الأهم بالنسبة لي، كما أن الوضع كان سيكون افضل بالنسبة لي في حالة الاحتراف بعد الفوز بميدالية أولمبية؟
ولكنني في الحقيقة فكرت جدياً في الاحتراف بعد أولمبياد بكين 2008 وسافرت بالفعل إلى الولايات المتحدة حيث بدأت إجراءات الانتقال لعالم المحترفين، ورغم أن العائد المادي كان مجزياً للغاية لم استطع الاستمرار، وتراجعت سريعاً بعد أن شعرت أن تنشئة أسرتي في الولايات المتحدة صعب للغاية لاختلاف العادات والتقاليد، فأنا متزوج وأب لطفلين، وكان قراري في النهاية هو البقاء في مصر مهما كانت الظروف.
وهل تحصل رياضة الملاكمة على دعم مادي جيد في مصر؟
بالطبع لا يمكنك مقارنة الدعم الذي تحصل عليه رياضة مثل الملاكمة بذلك الذي تحصل عليه رياضة جماعية مثل كرة القدم، لقد ذكرتني بما كان يقوله دائماً الرئيس السابق للاتحاد المصري للملاكمة، الدكتور إسماعيل حامد، رحمه الله "لو تحصل الاتحاد المصري للملاكمة على ما يحصل عليه لاعب أو لاعبين من لاعبي كرة القدم من الممكن تحقيق أربع أو خمس ميداليات أولمبية".
في الحقيقة لا يحصل الملاكم في مصر على عائد مادي جيد، ولولا عملي في شركة مصر للطيران والدعم الذي أحصل عليه من الاتحاد المصري بالإضافة إلى الإقامة الكاملة في المركز الأولمبي في المعادي، كان من الممكن أن تكون الأمور أصعب، ولكننا في النهاية مهما كانت الظروف نتأقلم مع أية أوضاع ونحمد الله على نعمه.
وفي رأيك ما هو سبب تحقيق الرياضيين في الألعاب الفردية للعديد من الانجازات رغم الدعم الأقل وضعف والامكانيات؟
إنه الايمان بالكامل بالله والتوكل عليه، بالإضافة إلى الشعور بالوطنية وحب الرياضي لبلده والإرادة القوية، في كثير من الأحيان تكون تلك العناصر كافية لتحقيق الانجازات والتفوق على منافسيكم الذين ربما يكونوا قد استعدوا بشكل أفضل منك أو توفر لهم دعم وإمكانيات أكثر. وبالنسبة لي مهما كانت النتيجة في أي نزال أخوضه، أحرص على السجود لله شكراً.
ستتم بمشيئة الله عامك الثالث والثلاثين في شباط/فبراير المقبل، في رأيك هل يؤثر السن على الملاكم، ما الذي يفقده الملاكم من قدرات؟
سبحان الله، ربما بالفعل كان شعوري مختلفاً وأنا في بداية مسيرتي فقد كنت أشعر انني في قمة نشاطي وانني امتلك قوة هائلة وطاقة متفجرة لا حدود لها، ربما تكون الآن قوتي أو نشاطي أقل، ولكنني أصبحت أكثر خبرة، اقوم باستخدام عقلي واعتمد على التكنيك والإبداع في أداءي، كما أقوم بتوزيع مجهودي على جولات النزال واستفيد من الأخطاء والحماس الزائد للملاكمين الأصغر سناً.
هناك سبعة أشهر فقط تفصلنا عن أولمبياد لندن، ما هي طموحاتك بالنسبة لتلك الدورة؟
سأبذل قصارى جهدي واعتمد على كل ما اكتسبته من خبرة لمحاولة تحقيق حلمي في لندن العام المقبل، فقد تكون هذه الفرصة هي الاخيرة لي، للأسف لم أنجح في التأهل عبر بطولة العالم الأخيرة في أذربيجان، ولكنني منتظم فى التدريبات مع كل من المدربين عبد العزيز إبراهيم وسعيد حسن، بالإضافة إلى المدرب الكوبي الشهير خوليو لي إتشيفاريا، وسأسعى لتعويض ذلك والتأهل عبر البطولة الأفريقية في المغرب في أبريل/نيسان المقبل بمشيئة الله.
المصدر:الجزيرة الرياضية