التغيير من الداخل
[size=25][b][size=29]التغيير من الداخل [/size]
في مقدمة كتاب «التغيير من
الداخل» يقول الدكتور أيمن أسعد عبده؛ منذ نعومة أظفاري، وأنا مغرم بقراءة
كتب تطوير الذات. ما أن أدخل مكتبة داخل المملكة العربية السعودية أو
خارجها إلا وألتهم هذا النوع من الكتب التهاماً، أشعر بين دفتيها بالمتعة
الكبيرة والفائدة العظيمة.
ففي السنة الأولى من الجامعة، تعرفت على أستاذنا الفاضل الدكتور أحمد
البراء الأميري. تلك المعرفة كانت بحق نقطة تحول في كثير من مجالات حياتي،
ومن أهمها الاهتمام المركز بتطوير الذات. وقد أهداني النسخة الأولى من كتاب
«العادات السبع» للدكتور ستي?ن كوفي، فقرأتها بنهم كبير، وشعرت عند
قراءتها بالمتعة البالغة. ولكني لم أجد فيها ما كان يصفه لنا أستاذنا
الأميري من العمق والتأثير. أحسست أنها عبارة عن قواعد مكرورة نعرفها من
قبل، وأنه ليس فيها كثير تجديد أو كبير إبداع. وقد كان الدكتور الأميري من
المعجبين بهذه العادات ولا يزال، ولكن فهمه لها واستشهاده بها أشعرني بأن
هناك مستوى آخر من الفهم والوعي بهذه العادات لا يمكن أن يصل إليه المرء من
خلال قراءة عابرة أو تفكير سريع. واقتنعت عندها أن هذه العادات على درجة
من العمق والشمولية تجعلها بحاجة إلى قراءة مستمرة وتأمل عميق.
ومن خلال المناقشات الطويلة مع الدكتور
الأميري وغيره بدأت أكتشف بعض الكنوز، وأضع يدي على كثير من الجواهر
المبثوثة بين يدي هذه العادات. وبقي الكتاب في موقع أثير من مكتبتي سنوات
عديدة. ثم ظهرت الترجمة العربية للكتاب؛ فاقتنيتها وقرأتها مرات عديدة دون
أن أشعر نحوها بالجاذبية التي شعرتها حال قراءة الطبعة الانجليزية. ذلك أني
شعرت بأن الترجمة كانت ترجمة حرفية وخالية من أي روح، بدأ ذلك من عنوان
الكتاب الذي ترجم على أنه «العادات السبع للقادة الإداريين» وهو تحويل غريب
للمعاني العالية، والمبادئ الشاملة المبثوثة في الكتاب الأصلي ووضعها في
قالب مادي تجاري. وهذا ظلم للكتاب والكاتب، فضلاً عن التحريف الظاهر لعنوان
الكتاب باللغة لأصلية. ثم وقعت بين يدي نسخة من الأشرطة السمعية للدورة
المطولة التي ألقاها المؤلف شارحً عاداته السبع، فأحدثت لي هزة عميقة
جديدة، وهي مرحلة الاكتشاف الثانية، ذلك أن هذه الأشرطة مؤثرة بحق، وقد وفق
فيها د. كوفي أيما توفيق في عرض هذه العادات بشكل عميق وعملي في آن واحد.
وقد تأكد لي بعد ذلك ما كنت توقعته من قبل، وهو أن فهم هذه العادات بعمق
يحتاج إلى تأمل
عميق وممارسة مستمرة، بيَّن لي ذلك من
خلال أمثلته القوية وتعبيراته الشاخصة. وفي نهاية مدة بعثتي في كندا طلب
مني الأخوة الأحبة في النادي السعودي بمدينة «كالغري» أن أقدم لهم موضوعاً
في تطوير الذات والشخصية القيادية، فبحثت بين أنقاض الكتب المتناثرة وبدأت
أحضر للموضوع، ثم بدا لي أن أجدد عهدي بالعادات السبع من خلال الاستماع إلى
الأشرطة ثانية في السيارة، فإذا بها تؤثر من جديد بعمق غير العمق السابق،
وببعد أكبر من البعد الأول؛ فقررت أن أشارك الأخوة الأحبة في هذه العادات
من خلال محاضرة ثقافية. وبعد المحاضرة شعرت بتأثير الأفكار واضحاً على بعض
الأخوة، حتى أن بعضهم أكد أن ذلك اليوم سيكون نقطة تحول في حياته. وقد
شاهدت ولمست شيئاً من هذا التحول فيما بعد؛ فشعرت بسعادة عميقة، وشعرت
بأنني أنجزت شيئاً مهماً. وبالمناسبة، فإن شعور المرء بأنه أثر في إنسان
آخر، أو أسهم في تغيير حياته إلى الأفضل، هو من ألذ المشاعر، وأمتع الأفكار
التي يمكن أن تمر بخاطر الإنسان وعقله فضلاً عن أن يتذوقها حقيقة ملموسة
فيمن حوله.
وعطفاً على ما لمسته من الاستجابة
للقاء الأول، توالت اللقاءات الجماعية والفردية في أكثر من مناسبة وفي أكثر
من ولاية في كندا؛ وأحب أن أبين أنه على الرغم من حضوري للعديد من الدورات
مع د. كوفي نفسه ومع غيره، فأنا لست مدرباً محترفاً لهذه العادات ولم أتلق
ريالاً واحداً على مدارستها، بل هي بعض الأفكار والمرئيات حول هذه العادات
أتدارسها مع بعض إخواني وطلابي، وربطها ببعض المعاني العامة. وهكذا كانت
قصة الاكتشاف الثالث الذي ما زلت أعيش في ظلاله حتى الآن وأنا أمني نفسي
باكتشافات أخرى مقبلة. وفي هذه الورقات أبث شيئاً من أفكاري حول هذه
العادات السبع، وأحاول أن أشرحها بشكل بسيط وعملي كما فهمتها، ثم أحاول أن
أربطها ببعض المعاني الإسلامية في ثقافتنا، وأبين من خلال ذلك أن هذه
العادات هي سنن كونية، وعادات طبيعية واجتماعية بثها الله عزَّ وجل في هذا
الكون، فمن فهمها ورعاها، وسار ضمن تأثيرها، حاز ثمارها، وجني يانعهاوأما
من صادمها وعاندها فإنه كناطح رأسه في الصخر.